كان هذا الرجل كل عام يعكف على صناعة أجود أنواع الأقمشة ثم يأتي موسم معين كل عام فيذهب هذا الرجل إلى سوق الصيادين ويعرض عليهم أقمشته لكي يشتروها، وبسبب جودة صناعته ومتانة أقمشته كانت تباع بأعلى وأغلى الأسعار، وكان هذا حال الرجل كل عام يمكث أغلب العام في صناعة الأقمشة ثم يذهب في فترة معينة للسوق ليبيعها للصيادين.
في أحد الأعوام عكف الرجل كعادته على صناعة الأقمشة وبعد انتهائه منها ذهب بها إلى سوق الصياديين لكي يبيعها لهم ككل عام، لكن هذا العام حدث أمر أحزن الرجل حزنا شديدا فقد وجد تاجر آخر قد باع للصيادين أقمشة وقد سبقه إليهم ولم يجد أي أحد يشتري منهم أي قطعة قماش.
جلس الرجل على جانب الطريق ببضاعته وهو يشعر بالحزن وكان هناك بعض السفهاء يمرون عليه فيضحكون على حاله ويتهامسون ويتغامزون عليه، ويلقون عليه الكلام السخيف مثل سبقك تاجر آخر ثم يضحكون، أو يقولون له ارمي بضاعتك في البحر فلا فائدة منها، وكان هذا الكلام يزيد من حزن تاجر الأقمشة، ومر عليه أحد السفهاء فقال له ساخرا اصنع من هذه الأقمشة سراويل وارتديها وأخذ يضحك ويقهقه.
ورغم ان هذا الرجل كان يريد السخرية من صانع الأقمشة لا النصح إلا أن صانع الأقمشة كان رجل حكيما، فظلت الكلمة تتردد في عقله إلا أن قرر بالفعل أن يستغل تلك الأقمشة ويصنع منها سراويل ويجرب حظه في بيعها بدلا من خسارتها خسارة نهائية.
بالفعل بدأ الرجل الذي كان يعمل في حياكة الأقمشة مما أهله إلى معرفة كيفية صنع السراويل، بدأ هذا الرجل في حياكة وصناعة السراويل التي يرتديها صيادو الأسماك، وفور انتهائه منها أخذ ينادي على بضاعته ويقول سراويل من أجود أنواع الأقمشة صنعت خصيصا لكي تتحمل العمل الشاق، وأخذ الرجل ينادي وينادي على بضاعته إلى ان التف حوله الصيادون مرة اخرى ليس من أجل شراء أقمشة لمراكبهم لكن هذه المرة من أجل رؤية السراويل التي يبيعها، وبسبب جودة القماش والصناعة اشتري الصيادين جميع السراويل التي كان يبيعها الرجل، ففرح الرجل فرحا شديد رغم انه باع السراويل بسعر أقل من السعر الذي كان سيكسبه لو باعها كقماش للمراكب، وطلب الصيادين من الرجل أن يقوم بصناعة المزيد من السراويل لهم فهي ذات جودة عالية جدا.