قصة بقرة بني اسرائيل
حدثت قصة بقرتنا الصفراء في بني إسرائيل وخصيصاً في زمن سيدنا موسى عليه السلام، ويُمكن أن نُلخّصها في أنّ رجلاً من بني إسرائيل كان غنياً فاحش الغناء ولكن للأسف شحيحاً وكان لديه ابناء أخٍ يتمنّون موته بأي شكل ليرثوه، فاتفقوا على قتله وقام أحدهم بالفعل بقتله في ليلةٍ ما وقام بطرحة وسط الطريق وقد قيل على باب أحد رجال بني إسرائل، وحينما أصبح النّاسُ وجدوا الجُثّة فاختصموا فيه، وحينما جاء الماكرُ اين أخيه بدأ بالصراخ، فقالوا جميعاً: هيّا بنا إلى موسى.
وأتى ابن أخيه وشكا كل ما بدر من عمّه إلى نبي الله موسى عليه السلام، فقال موسى للحضور حينما سمع بالخبر: أنشدكم جميعاً من يعلم شيئاً عن هذا الرجل فليخبرنا بما يعلم، فلم يُجب موسى أحد من هؤلاء، ثمّ طلبوا من موسى أن يسأل ربّه، وحينما ذهب موسى للقاء ربه فقال الله له عليهم أن يذبحوا بقرةً كما جاء في القران :”إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا” .
فقالوا له: نسألك يا موسى عن شأن هذا القتيل وأنت تُخبرنا أن نذبح بقرة، هل تستهزأُ بنا يا موسى، فقال “قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين” أي أعوذ بالله من أن أقول غير ما يوحى إليّ، ولو أنّ بني إسرائيل قاموا ونفّذوا أمر الله وذبحوا أي بقرةٍ لحصل ما كانوا يريدون وانتهت القصّة، ولكنم لمّا ناقشوا نبيّهم وشدّدوا فشدّد الله عليهم، فقد بدأوا بطرح الأسئلة منها الصفة واللون والسن، والمقصود أنّهم أمروا بذبح بقرة عوان وهى الوسط النصف بين الفارض والتي هى كبيرة السن والبكر وهي صغيرة السن، ثم بدأ القوم بالتشديد على أنفُسهم بالسؤال عن اللون، فأُمروا بكونها صفراء فاقعة اللون وأن تكون مُسرةً للناظرين..
وهذا اللون من المعروف صعب جداً العُثور عليه ووجوده بمثابة معجزة حقيقية، وزداد التشديد حينما احتاروا وسألوا عن ماهيتها حيثُ قال تعالى “قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَاهِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ” وحينها أخبرهم موسى بما أخبره ربُّ العزة سبحانه وتعالى “قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ.
وتلك المواصفات أصعب بكثير من أن تكون مجرد بقرة كما أمرهم الله بالبداية، حيث ذبحوا بقرةً بمواصفات كثيرة صعبة العثور عليها حتى وحينما عثروا على البقرة الصفراء التي بتلك الصفات “قالوا ألآنَ جِئْتَ بالحقِّ” ويُقال أنّ تلك البقرة ذات الصفات الكثيرة لم يجدها بني اسرائيل إلّا عند غلامٍ منهم كان بارّاً بامّه مات أبوه وتركها له من بعده، ولكن الفتى رفض بيع البقرة بأي ثمن إلّا أنّهم قايضوها بعشرمرات وزنها ذهباً، وحينما ذبحوا البقرة وأتوا إلى موسى فأخبرهم أن يضربوه بها، قيل بلحم فخذها وقيل أيضاً بالعظم الذي يلي الغضروف، وقيل غير ذالك، وحينما قاموا بضرب القتيل كما أخبرهم موسى أحياه الله فسأله نبي الله موسى عن قاتله فأخبره أنّه ابن اخيه ثن عاد ميتاً مرةً أخرى.
والان الخلاصة من هذه القصة المشهورة لدى أغلبنا وهي قصة البقرة الصفراء أنّه لا يجوز للانسان أن يعترض على اوامر الله ويوم يبدأ العقل بالشك والاعتراض يبدأ التعب والمشقة التي هي بمثابة لعنة من السماء تُصيب صاحبها، وعلى الانسان أن ينقاد أمام اوامر الله سبحانه وتعالى كما يظهر جليا لنا قدرة الحق على إحياء الموتى.