ما أجمل تلك القصة التي نرويها لاطفالنا قبل النوم ، لترسخ في عقولهم فكرة وهدفا ساميا ، لتعلمهم شيء وفكرة جديدة دون ألزامهم بتنفيذها ، لتترسب في عقلهم الباطن ليحاولوا تحقيقها إنها حقا شيء هام ومفيد أن تقص على مسامع طفلك حكاية مفيدة لها هدف وغرض قبل أن ينام ليحلم بها في نومه ويحاول تحقيقها.
بزمن بعيد كانت هناك فتاة جميلة الوصف، حيث عُرفت بجمالها الفاتن بين كل الناس تتسم بشعر طويل متساوٍ ناعم ذهبي، وبعيون زرقاء لامعة، وبوجه كالبدر ليلة تمامه؛ كانت تلك الفتاة تعشق الكريز من صغرها لدرجة أن الناس أطلقوا عليها اسم “شيري” من كثرة حبها له، لقد باتت لا تأكل شيئا سوى الكريز.
كانت توجد حديقة مليئة بأشجار الكريز اللذيذ وعلى الرغم من أنها كانت ملكا لساحرة شمطاء شريرة إلا أن “شيري” اعتادت الذهاب إليها متسللة لتقطف بعضا من ثمرات الكريز الشهية التي لم تحبب غيرها طوال حياتها، وبكل مرة تحاول الساحرة كتم مشاعرها تجاه “شيري” حيث أنها كانت تحقد عليها على شبابها الخلاب وجمالها الساحر؛ وفي يوم من الأيام جاءت “شيري” كعادتها وبأول كريزة تلتقطها من على الأرض لتأكلها ألقت الساحرة الشريرة تعويذة عليها، فأصبحت “شيري” ضفدعا صغيرا فانهالت الدموع من عينيها، ومضت في طريقها وهي حزينة إلى أن وجدت بحيرة فسكنتها.
بتلك المملكة؛ كان يحكمها ملك حكيم، يهيأ أبنائه للحكم من بعده مما جعله يضع ثلاثة اختبارات من يجتازهن يصبح هو الملك، حيث أنه بيوم من الأيام جمع الملك الحكيم أبنائه الثلاثة وأخبرهم بأنه يريد منهم تنفيذ ثلاثة طلبات، ومن ينجح فيهم سيصبح هو الملك بلا شك.
على كل واحد من الأمراء الثلاثة إحضار قطعة من القماش الجميل بشرط أن بإمكان قطعة القماش هذه المرور كاملة من خاتم الملك؛ فقاما الأميران الأكبر والأوسط بشراء كافة القماش بالسوق بعد النظر كثيرا، ولكن الأمير الصغير فكر حائرا بعدما جلس على البحيرة من كثرة التعب الذي ألم به: “كيف لقطعة قماش المرور كاملة من خاتم أبي؟!”، فيجيبه الضفدع المسحور: “ما الذي يعكر مزاج الأمير الصغير؟”، اندهش الأمير من رؤية ضفدع يتكلم وأخبره بقصته مع والده الملك؛ نزل الضفدع في البحيرة وخرج ومعه قطعة قماش صغيرة جدا، وأعطاها للأمير الصغير وطلب منه الذهاب إلى والده وإعطائها له؛ وكلما اقترب الأمير الصغير من القصر كانت تكبر قطعة القماش والأمير مندهش، فكيف لا والذي أعطاه إياها عبارة عن ضفدع مسحور، ولكن ليس بيده حيلة؛ وعندما وصل القصر وجدا أخويه الاثنين قد فشلا في الاختبار الأول، فأعطاها لوالده الذي مررها بخاتمه فمرت القطعة بكل سهولة ويسر.
طلب الملك من أبنائه إحضار جرو صغير جدا بشرط أن يتمكن من إدخال الجرو كاملا في قشرة حبة لوز، ذهبا الأميران الأكبر والأوسط كالعادة إلى السوق، فجمعا كل الجراء الصغيرة وذهبا إلى والدهما، وكالعادة الأمير الصغير حائرا، فتأخذه قدماه إلى أن يجد نفسه بنفس المكان بالبحيرة منتظرا الضفدع المسحور ليساعده ويقدم له يد العون من جديد، وبالفعل أعطاه الضفدع صدفة بحرية مغلقة وطلب منه فتحها أمام الملك مباشرة، وعندما قدم الأمير الصغير إلى القصر وجدا أخويه كسابق عهدهما بالاختبار الأول قد فشلا، ففتح الصدفة وكانت المفاجأة حيث كان بها جروا صغيرا ما أجمله، وعندما وضعه الملك بقشرة حبة اللوز كانت مناسبة له تماما كأنها خُلقت لأجله.
طلب الملك الطلب الأخير من أبنائه وهو إحضار كل واحد منهم عروس جميل، والذي يحضر أكثرهن جمالا يصبح هو الملك يخلفه من بعد حياته؛ الأميران يعرفان الكثير من الفتيات الجميلات، فذهب كل واحد منهما وأحضر العديد من الجميلات من أجل اجتياز اختبار والده الملك؛ ولكن الأمير الصغير لا يعرف أية واحدة لا جميلة ولا حتى قبيحة، فذهب كعادته إلى البحيرة طالبا مساعدة الضفدع المسحور؛ الذي طلب منه الذهاب إلى القصر مباشرة وأول ما يقترب منه ينظر خلفه بشرط ألا يضحك مطلقا مما سيراه؛ وبالفعل نفذ الأمير الصغير طلب الضفدع وبمجرد التفافه رأى عربة من يقطين يشدها أربعة فئران صغار، وبداخلها الضفدع المسحور ويقودها ضفدع آخر، تذكر كلام الضفدع فلم يضحك ولكنه نظر بدهشة وإعجاب، وكلما اقتربت العربة من الأمير اتضحت لديه الرؤية حيث باتت عربة اليقطين عربة مصنوعة من الذهب الخالص، وسائقها رجلا، ويشدها أربعة أحصنة، وبداخلها كانت المفاجأة فتاة جميلة لم يرى في مثل جمالها بحياته “شيري” تلك الفتاة التي حولتها الساحرة إلى ضفدع.
بمجرد دخول الجميلة “شيري” إلى القصر انقلبت الموازين، فتوجها الملك ملكة على العرش والأمير الصغير ملكا يخلفه، وتزوجا وعاشا في سعادة وهناء إلى الأبد.