ما أجمل تلك القصة التي نرويها لاطفالنا قبل النوم، لترسخ في عقولهم فكرة وهدفا ساميا، لتعلمهم شيء وفكرة جديدة دون الزامهم بتنفيذها، لتترسب في عقلهم الباطن ليحاولوا تحقيقها إنها حقا شيء هام ومفيد أن تقص على مسامع طفلك حكاية مفيدة لها هدف وغرض قبل أن ينام ليحلم بها في نومه ويحاول تحقيقها.
كان علي بابا يعمل حَطّابًا، ويكسَبُ من هذا العمل مالاً محدودًا يساعده على إعانةِ أسرته، وكان الأخ الأكبر دائم الغضب، وكان يقسو على أخيه الأصغر كثيرًا.
ذاتَ يوم، بينما كان علي بابا يحتطب كعادتِه مع حماره، إذْ سَمِعَ صوتًا لفرسان يقتحمون المكان، فاختبأ منهم، وإذ بهم عصابة من اللصوص يَتَجَمْهَرون أمامَ مغارةٍ ضخمة كانت في المنطقة التي يَحتطِبُ فيها علي بابا.
اندهش علي بابا مما رأى إذ قام زعيمُ عصابة اللصوص بمخاطبة المغارة قائلًا: "افتح يا سمسم"، ففُتح باب المغارة وعلا المكان غبارٌ كثيف، ودخل اللصوص إلى المغارة، ثمّ قال زعيم العصابة: "أغلق يا سمسم"، فإذا بباب المغارة يُغلق على اللصوص وهم بداخلها.
انتظَرَ علي باب خروجَ الأربعين حرامي من المغارة، وذهب ليستكشفَ المكان، وبعد أن تأكّدَ من مغادرة جميع أفراد العصابة، جَرّب أن يفعلَ ما قام به زعيم عصابة اللصوص، وإذ بالمغارة تُفتح من جديد، فدخل علي بابا وأغلقَ باب المغارة عليه كما فعلَ الّلصوصُ من قبل.
أصابت الدهشةُ علي بابا مِن هَوْلِ ما رأى، إذ وجَدَ المغارة مليئةً بالذّهب والمجوهرات والأحجار الكريمة، فلم يصدق ما رأته عيناهُ، حيث إن اللصوص يتخذون من هذه المغارة مكانًا لتخزينِ ما يسرقون من الناس.
ملأ علي بابا جيوبَه بما وقعَت عليه يداه، ووضع بعض هذه المجوهرات في المكان الذي يَضَع فيه الحطب فوقَ ظَهْرِ حمارِه وعاد إلى منزله سعيدًا.
عندما علمت زوجته بأمر المغارة كادَتْ أن تصرخَ، فوضع يدَه على فمها حتى لا تفضح أمره، أراد علي بابا أن يعلم وزن المجوهرات والذهب وما أحضره من المغارة، فطلب من زوجته أن تذهب إلى بيت أخيه وتستعير من بيت أخيه ميزانًا.
كانت زوجة قاسم ماكرة فأرادت معرفة ما سيزن به شقيق زوجها وزوجته، فوضعت قطعة من العجين أسفل الميزان. وحين وزن علي بابا وزوجته الذهب وانتهَوْا من أمر الميزان أعادوه إلى بيت قاسم، وكانت قطعة من الذهب قد علقت بالعجين، وهنا صرخت زوجة قاسم في زوجها، وأخبرته بأمر الذهب والعجين، فتحرّك من فوره إلى بيت أخيه وأجبره على البوح بالحقيقة.
أخبره علي بابا بكلّ شيء بما في ذلك: "افتح يا سمسم"، وفي اليوم التالي خرج قاسم وأخذ معه عددًا كبيرًا من البغال ليحمل أكبر قدر من الذهب والمجوهرات، فقال كلمة السر ودخل إلى مغارة اللصوص، وهنا انصدم من كميّة الذهب والمجوهرات التي رآها، وبدأ على الفور بملء الصّناديق التي وضعها على بغالِهِ حتى امتلأت تمامًا. وحين همَّ بالمغادرة نَسِيَ كلمة السرّ، فعلم حينها أنّ الجشع قد أعمى بصيرته وأنساه كلمة السر.
لم يمرّ وقت طويل حتى عاد اللصوص إلى مغارتهم ووجدوا قاسمًا فيها، فقتلوه فورًا، وبعد مضيّ مدّة من الزمن قلقت زوجة قاسم على زوجها، فأخبرت علي بابا بأمر زوجها وتأخُّرِه، فعلم أنه قد وقع في يد اللصوص.
هرع علي بابا إلى المغارة، فوجد أخاه جثة هامدة مقطّعة الأوصال داخلها، وهنا حمل علي بابا جثة أخيه، وعاد بها حزينًا إلى بيته.
كانت لقاسم ابنةٌ تُدعى مرجانة، وكانت ذكيّة وفَطِنة، فذهبت إلى أحد الخياطين المَهَرة من أجل أن تخيط جثة قاسم قبل دفنه، فعَصَبت عيون الخياط قبل أن تحضره إلى منزل قاسم، وأعطته مبلغًا كبيرًا لقاءَ ذلك، على أن يبقيَ الأمر سرًا، وعندما عاد اللصوص إلى مغارته لم يجدوا قاسمًا فعلموا أنّ هناك مَن كشَفَ أمرَ مغارتِهم السريّة، فعمَدوا إلى الذّهاب إلى المدينة والوصول إلى الخياط الذي خاط جثة قاسم قبل دفنه، وتحت التّهديد، أخبرهم أنه قد عَصَبَتْ عيناه، لكنّه قد يستدلّ إلى طريق المنزل، فأخذوه إلى بيت علي بابا، ووضعوا علامة على باب منزله كي يقتحموه لاحقًا.
عندما رأت مرجانة هذه العلامة وضعتها على الأبواب جميعها؛ حيث إنّها ارتابت لأمرِها وأحسّتْ بالخطر.
فشلت خُطّة اللصوص، وعادوا يجرّون أذيالَ الخيبة، فغضب زعيم العصابة وذهب إلى الخياط بنفسه، وعَلِمَ عن مكان منزل علي بابا، وبعد ذلك أعدَّ زعيمُ عصابة اللصوص خطة محكمة للنزول إلى بيت علي بابا، فأحضر جرارًا فخاريّة عملاقة ووضع في كل جرة لصًا من عصابته إلا جرة واحدة فيها زيت، وذهب إلى بيت علي بابا متنكرًا على هيئة تاجر يودّ المبيت في بيت علي بابا، وهنا حدث اللقاء الأول بين علي بابا والأربعين حرامي.
استضاف علي بابا زعيم العصابة في بيته وأحسن ضيافته، وكان زعيم العصابة قد خطّط للذهاب إلى الجرار بحُجة تفقّدها، والهجوم بعد ذلك على علي بابا وأهلِه.
كانت مرجانة تودّ إعداد الطعام حتّى يأكل علي بابا والأربعين حرامي، لكنّ الزّيتَ كان قد نفدَ، فأرادت ملء الزيت من جرار التّاجر وإخباره بذلك لاحقًا.
عندما وصلت إلى الجرار، سمعت أصوات اللصوص داخلها، وتفقّدت الجرار جميعها، وعَلِمَت أنّ عصابة اللصوص على وشَكِ الهجوم على المنزل بمَن فيه، وهنا قامَت مرجانة بإبلاغ شرطة المدينة بوجود اللصوص في منزل علي بابا، فأسرعوا إلى الذهاب إلى بيت علي بابا، وحاصروا الجرار وأخرجوا اللصوص وقبضوا عليهم، دون أن يعلمَ علي بابا وضيفه بأمر الشرطة، وبعد ذلك ذهبوا إلى علي بابا وألقوا القبض على زعيم العصابة، وانتهى الناس من شرّهم.